كتب ماثيو لويس رواية “الراهب” عام 1799، وقد تسبَّبت بصدمةٍ كبيرةٍ في المجتمع، وكان لها أثرٌ كبيرٌ في حياته، فقد عُرف ماثيو لويس بعد هذه الرواية باسم “الراهب”، نظراً للنجاح الذي حققته هذه الرواية في الأوساط الأجنبية، عرّف لويس عن نفسه من خلال الكشفِ عن تفاصيل المشاهدِ المروِّعة، مما أكسبه لقب روائيِّ “الرُّعب القوطيّ”. والأدب القوطيُّ، أو أدبُ الرُّعب، كما يُعرف في الأوساط الأدبية؛ نظراً للعناصر المرعبة التي تتخلله، إذ إنَّه يتخذ من الغابات، أعالي الجبال المظلمة، والظروف المناخية المرعبة موقعاً لسير الأحداث في الروايات الرومانسية. سميت الروايات التي كتبت تحت مظلة هذا الأدب بالرومانسيات، نسبةً إلى العصر الذي ظهر فيه هذا النوع من الأدب في القرن الثامن عشر؛ إذ كان العصر الرومانسي هو السائد آنذاك..
وفي الوقت الذي كان فيه أقران لويس يرتادون الحانات، كان ماثيو مشغولاً بكتابة روايته “الراهب” التي سُحبت ومُنعت من التداول بعد سنةٍ من نشرها، يرجع السَّبب في ذلك إلى احتوائها على العديد من عناصر الرُّعب التي كانت ممنوعةً أو غير مرغوبةٍ وليس لها جمهور وقتذاك، الأمر الذي دفع لويس ليعيد صياغتها من جديد ويقوم بحذف المشاهد ذات الطابع المرعب، إلا أن الرواية لم تزل تحمل طابعها المروِّع!
المحور الرئيسيّ في الرواية يتحدث عن فساد الراهب “أمبروسيو” وانهياره على مراحل، بعدما كان شديد التَّقوى والإعراض عن الدُّنيا و شهواتها، حادَّ الذهن مُهاب الجانب من قبل الجميع، مما ضاعف لديه إحساس “الأنا”، وخالجه شعورٌ بأنه أعلى مقاماً من البشر، وأنه لا يملك الضَّعف البشريَّ الذي يملكونه. فزلَّت قدمه زلّةً بعد زلّة، فزنى، ثم نافق، ثم قتل، ثم اغتصب، ثم مارس السِّحر، وأخيراً جدَّف! مما أجبره على عقد اتفاقيةٍ مع الشيطان المتخفِّي “ماتيلدا” والعذراء الفاضلة “أنطونيا”، على الرّغم من أن الشيطان معروفٌ بالغدر والخيانة فماذا سنتوقع منه؟ كيف ستكون نهاية الرَّاهب؟ هل سينجو أم سيغرق بمعصيته؟
تكمن عبقريَّة الرِّواية في طريقةِ تصوير شخصية “الرَّاهب” و صراعه النَّفسيِّ و كيفيَّة هبوطه من الدَّاخل… وهنا بيت القصيد.. فعلى الرَّغم من وحشيّة الرَّاهب _حين انهياره_ إلا أنها تجعلك تتعاطف معه أحياناً. هذه الشَّخصية المتطوِّرة هي أنموذجٌ بشريٌّ صرف للصِّراع بين الخير والشر داخل المرء، وقد تشعرُ أحياناً أنَّ الكاتب يكرهُ هذه الشخصية، فيصب جام غضبه عليه، وينتقم منه، و يجعل الشيطان يقتحم حياته بشكلٍ مجحفٍ، كلُّ هذه التفاصيل وأكثر تجدونها بين طيَّات هذا الكتاب الشيِّق المكتوب بحرفيَّةٍ؛ إلا أنه لم يُترجَم إلى العربية حتى الآن.. هذه هي الترجمة الأولى لهذه الرواية المذهلة والمخيفة معاً..
Reviews
There are no reviews yet.