هُوية الكاتب طريق، والكتابة طريقة.
طريقة بالأفعال، لها مريدونَ يمتحون من الحياة والشرط الإنساني الكامن فيها، فيعيشون مرةً أخرى ذهنيًّا بالكتابة مثلَما عاشوا أول مرة بالتجربة، وإذ بالواحد منهم يفيضُ بإبداعه وبصيرته نصًّا يطرب له أحدُنا، ويكتشف بفضله آخر ما غاب عنه، ويجيب به ثالثٌ على أسئلة تردَّدَ صداها في داخلهِ دهرًا.. كلُّ ذلك بأثر مزيجٍ من حبر وخيال على ورق مصمَّغ بين دفتين تتناقلهما الأيدي بهيئة “سِحر محمول” مثلما يصفه ستيفن كينغ.
لا تهدفُ هذه المختارات إلى وصفةٍ محددة، وخلاصٍ ينتهي إليه من يصبو النجاح في الكتابة، بل إنها تقول بتعقيد التجربة شأنَ تعقيد الحياة، وإنَّ من اتخذ الكتابةَ مهنةً فقد نذر نفسه لسَفرٍ لا راحة فيه. فلا يهدأ الكاتب من كشف إحدى خفايا الوجود حتى تستبينَ له أخرى، إذْ تجتمع فيه هوية وتجربة وموهبة وزاوية نظر، فيخلص من كلِّ ذلك إلى نصٍّ حيٍّ تتخطَّى حياته زمنَ كاتبه بتعدد قراءه وامتداد تأثيره عرضًا بين الناس، وعميقًا باللغة والحياة، علاوةً على ما قد يُستقى منه، وهو – في ذلك – رهينُ محبسيْ التأويل والأسلوب. الأول ابن الآخرين والآخر ابن الخلود، إمَّا بتوظيفه كما يجب وإمَّا خلقًا للجديد دون إيلاء اهتمام للسائد، فينبع من بين يدي مبدعه ما يستحق البقاء بين كلِّ ما يجده قارئٌ على أي رفٍّ في العالم.
أمَّا من يريد التحلي بهُوية الكاتب وحسب، فأول ما عليه فعله ألَّا يقرأ هذا الكتاب، وسيجد طريقه معبَّدًا سهلًا.
Reviews
There are no reviews yet.