هذا النص المحكم، المشحون بغنائية مكثفة، الذي يروي قصة العودة بعد سنوات النفي الطويلة إلى رام الله في الضفة الغربية في سبتمبر 1996 هو واحد من أرفع أشكال كتابة التجربة الوجودية للشتات الفلسطيني التي نمتلكها الآن، وإنه ليسعدني أن يتاح لي أن أقول بعض الكلمات كمقدمة لهذا العمل، أما وقد قمت بنفسي برحلة مشابهة إلى القدس (بعد غياب 45 سنة) فإنني أعرف تماماً هذا المزيج من المشاعر حيث تختلط السعادة بالأسف، والحزن والدهشة والسخط والأحاسيس الأخرى التي تصاحب مثل هذه العودة، إن عظمة وقوة وطزاجة كتاب مريد البرغوثي تكمن في أنه يسجل بشكل دقيق موجع هذا المزيج العاطفي كاملاً، وفي قدرته على أنه يمنح وضوحاً وصفاءً لدوامة من الأحاسيس والأفكار التي تسيطر على المرء في مثل هذه الحالات.إنه لأمر حتمي أن يكون في كتاب البرغوثي قدر من السياسة، لكنه لا يقدمها لنا في أي لحظة من قبيل التجريد أو الدوافع الإيدولوجية كل ما هو سياسي في الكتاب ناجم عن الأوضاع المعيشية الحقيقية في حياة الفلسطينيين المحاطة بقيود تتعلق بالإقامة والرحيل، فبالنسبة لمعظم شعوب الأرض الذين هم مواطنون لديهم جوزات سفر وبوسعهم السفر بحرية دون تفكير في هويتهم طوال الوقت، فإن مسألة السفر والإقامة تعد أمراً مفروغاً منه، بينما هي أمر مشحون بتوتر عظيم لدى الفلسطينيين الذين لا دولة لهم، وهكذا، فبالرغم من الفرح ولحظات النشوة التي يحملها هذا النص، فإنه في جوهره يستحضر المنفى لا العودة.
رأيت رام الله
0.000د.ك
غير متوفر في المخزون
التصنيفات: قصص و روايات, جميع العناوين
الوسم: مريد البرغوثي
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.