…فتحت باب المكتب لتجد مسؤول التسجيل، لديه محادثة عبر الهاتف.. بقيت برهة قرب الباب تنظر إليه، كان يمسك بسماعة هاتف مكتبه بيده حين أشار إليها باليد الأخرى أن تتفضل بالجلوس ريثما ينهي مكالمته، أسمر، أسود الشعر، ملامحه عربية، حتى بطاقة عمله المعلقة على جانب صدره الأيسر، عليها اسم عربي، يعتليها اسم إسماعيل، في نهاية العقد الثالث من عمره.. ما إن تسمرت في الكرسي الذي قبالة مكتبه حتى انهالت نظراته عليها، يتفحصها، لم يكن معتاداً النظر إلى وجوه الطلبة، أما هي، فكان حتماً عليه النظر إليها.
أنهى مكالمته، أعاد سماعة الهاتف إلى مكانها، وحياها باللغة العربية، أطرق رأسه، حين سألها الأسئلة المعتادة، أخرجت أوراقاً من حقيبتها، استمع إلى ما جاءت إليه والمواد التي ترغب في دراستها في هذا الفصل أو التي يحتم عليها اختيارها.. كانت سعيدة بتلك المقررات التي ستغوص في أعماقها، تهوى الكتاب والعيش بين جلدتين، تنسى فيهما الماضي والحاضر والمستقبل.
رفع رأسه ونظر إلى العمق في عينيها حين فرغت من حديثها، أما جوابه لها فكان بعيداً كل البعد عما توقعته أو عما جاءت إليه والذي غير مجرى ذلك الفصل الدراسي من حياتها.
أفزعتها كلماته، كشف عن علتها، أخذ يحكي قصتها بدلاً عنها، هز الأوراق التي عاهدت نفسها بأن تجعلها في طي النسيان، أعاد إلى سطح الذاكرة ما كان مدفوناً فيها حتى اعترتها قشعريرة وذرفت عيناها الدموع.. هل كان سهلاً خدشها! أم أن الركام كان موجوداً على السطح فكان من السهل التلاعب به وإثارته.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.