حسنًا، إليك ما جرى.
كلَّما غلبني همِّي، في تلك اللَّيالي، تناولتُ هاتفي وتركتُ لآلافِ الغُرباء نداءً خافتًا يَشي بوحدتي: “خنسولف”!
كانَ ندائي يعتلي نافذةً بيضاءَ، في شاشةٍ تطلُّ على العَتمة ولا يطلُّ منها أحدٌ، أشبه ببئرٍ معطَّلة؛ قاعُها ملاذي. كنتُ أقبع هناك راجيةً، منتظرةً، أترقَّبُ هبوطَ الدِّلاء؛ وأتحيَّنُ تحلُّقَ أصحابها حول فم البئرِ.
سترتَطمُ الدِّلاءُ – آنَ هبوطِها – بعضُها ببعضٍ، وتمطرُني بأسئلةٍ أجهلُ سائليها. كنا في تلك العَتمة متشابهينَ، سواسيةً في غياهب التِّيه. غريبةٌ هي أُلفةُ الحائرينَ، عبثيةٌ ومطمئنةٌ.
أجبتُ – من قاع البئرِ – على أكثر من ألف سؤالٍ. أجبتُ على أسئلةٍ وُلِدتْ في مخاضٍ صامتٍ، قرأتُها مرارًا فاستعارتْ صوتي واستحالتْ أسئلتي. أسئلة متذبذبة كان نتاجها حوارًا متشظِّيًا عصيًّا على الانضباط، يُشبه الأفكارَ المتسارعةَ لعقلٍ يتوقُ إلى الهدوء… ويأبى السُّكونَ.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.