قدَّم كتاب «التأمُّلات» لماركوس أوريليوس سلسلةً استثنائيَّة من الأفكار الروحيَّة التي تشكِّل تحدِّياً لفلسفة سلوكات الحياة، إضافةً إلى ممارساتٍ أظهرت صراع الإمبراطور لِفهم ذاته، وتقبُّل الكون. في نواحٍ عدَّة تبلور تأمُّلات ماركوس أوريليوس الحكمة الفلسفيَّة للعالم الإغريقيِّ الرومانيِّ. ألَّف أوريليوس هذا الكتيِّب ليكون مفكّرته الشخصيَّة، وذلك في أثناء قتاله في إحدى الحروب الدائرة على حدود الإمبراطوريَّة الرومانيَّة، واليوم اشتُهِر هذا الكتيِّب تحت عنوان «التأمُّلات».
على الرَّغم من أنَّ كتاب «تأمُّلات ماركوس أوريلوس» أُلِّف بين عامَي (170-180)، إلَّا أنَّ صداه تردَّد لدى القرَّاء المعاصرين بسبب شبهه الملحوظ بكتب المساعدة الذاتيَّة. كتب أوريليوس كتابه كسلسلة ملاحظات شخصيَّة في العقد الأخير من فترة حكمه للإمبراطوريَّة الرومانيَّة، ولم تكُ هناك أيُّ نيَّة لنشر «التأمُّلات». وهي تُعدُّ اليوم بين كلاسيكيَّات الفلسفة الرواقيَّة، كما تُعدُّ أمثلة راقية لحلِّ المشكلات الحياتيَّة.
يرى كتاب «التأمُّلات» أنَّ على القائد العظيم أن ينهمِك في حلِّ إحدى المشكلات الجوهريَّة لكلِّ الفلسفات: وهو كيف نعيش حياة جيِّدة. كان ماركوس أوريليوس سريعاً في طرح الأسئلة وإيجاد الحلول لها، وكلُّها تقوده إلى فهمٍ أعظم لماهيَّة الحياة الطيِّبة. اتَّخذ قراره بأنَّ الفلسفة ما هي إلَّا أداة مهمَّة يمكننا استخدامها يوميّاً لتساعدنا في فهم العالَم والتعامل معه. وأفضل طريقة للغوص إلى قاع المشكلة، كما أشار، أن نحلِّل جوانبها المختلفة بحذر، وهذا سيساعدنا في امتصاص آثار المشكلة. وكي نُبقي أذهاننا متَّزنة، من الضروريِّ أن نَبقى مسيطرين على رغباتنا المادِّيَّة والحسّيَّة لنتجنَّب الوقوع فريسة السلوكات السلبيَّة، مثل الغيرة والشجار والتساهل. ويبيِّن كتاب «التأمُّلات» أنَّ الفلسفة يمكنها مساعدتنا في فهم مشكلات الآخرين، والصعوبات التي يواجهونها كذلك، بأن نمثِّل دور الحافز المستمرِّ في سبيل معالجة المشكلات وحلِّها، أينما ظهرت.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.